العدالة الاجتماعية في نظر الإسلام
العدالة الاجتماعية في نظر الإسلام
توطئة :
وضع الإسلام المبادئ العامة والقواعد الشاملة لحياة اجتماعية سليمة...
وترك التطبيقات لتطور الزمان، وبروز الحاجات..
وهو بهذا الشمول وهذه المرونة قد كفل لاحكامه التطبيقية النمو والتجدد.. ومسايرة ظروف الحياة المتغيرة..
ظلت الإنسانية دهوراً طويلة تفرق بين القوى الروحية والقوى المادية، وكل منهما يتنكر للآخر..
فجاء الإسلام بعرض فكرة جديدة متناسقة تجمع بين الدنيا والآخرة في نظام الدين، وبين الروح والجسد في نظام الإنسان.. وبين العبادة والعمل في نظام الحياة الاجتماعية...
ومن تلك المواءمة بين العقيدة والسلوك وبين ما يتصل بالروح والمادة .. تصدر تشريعاته وفرائضه.. وتوجيهاته وحدوده، وآراؤه في سياسة المال والحكم، وهذه السياسة تنطوي على عدالة إنسانية اجتماعية شاملة، لا عدالة اقتصادية محدودة..
العدالة في نظر الإسلام هي
مساوة إنسانية ينظر فيها إلى تعادل جميع القيم..
وهي على وجه الدقة (تكافؤ الفرص) وترك المواهب تعمل بعد ذلك في اطار الحدود التي لا تتعارض مع القيم العليا للمجتمع..
إن إقرار الإسلام مبدأ (تكافؤ الفرص)،
و مبدأ (العدل بين الجميع) ،
ثم ترك الباب مفتوح للتفاضل في الجهد والعمل....
واتاحة الفرص المتساوية للجميع...
تعني التعامل مع جميع الأفراد على قدم المساواة بغض النظر عن الحسب والنشأة والأصل والجنس والعرق واللون ... ولا قيد يحد من القيود التي تغلّ الجهود...
أسس العدالة الاجتماعية في الإسلام :
أقام الإسلام العدالة الاجتماعية على أسس عامة نجملها فيما يلي وسنشرحها تباعاً :
1) التحرر الوجداني.
2) المساواة الإنسانية الكاملة.
3) التكافل الاجتماعي.
سنوضحها تباعًا
1) التحرر الوجداني :
إن التحرر الوجداني الذي يدعو إليه الإسلام معناه :
الاعتزاز بالنفس والحرص على طلب الرزق
” دون فقدان الكرامة “ وعدم الشعور بالخوف عند المطالبة بالحق .. حقه في ”المساواة “ وسيجاهد لتقرير هذا الحق، ولن يقبل بديلاً عنه...
2) المساواة الإنسانية الكاملة :
أقرّ الإسلام مبدأ المساواة في الوقت الذي كان يباح فيه للسيد أن يقتل عبده ويعذبهم لانهم ليس متساوون معهم في الحرية...!!!
فجاء الإسلام ليقرر مبدأ المساواة أمام القانون وأمام الله، في الدنيا والآخرة، لا فضل إلا للعمل الصالح..
” لافضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى “ .
3) التكافل الاجتماعي:
يضع الإسلام في اعتباره أن للفرد ذاته مصلحة خاصة في أن يقف عند حدود معينة في استمتاعه بحريته...
وأن للمجتمع مصلحة عليا لابد أن تنتهي عندها حرية الأفراد..
لذلك يقرر الإسلام مبدأ التكافل الاجتماعي
بين الفرد واسرته،
وبين الفرد والجماعة،
وبين الجيل والأجيال المتعاقبة.
وقيمة التكافل في محيط الأسرة :
أن الفرد هو قوامها والذي يمسكها، لأن الأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع.
ومن مظاهر التكافل العائلي في الإسلام؛ نظام الميراث.
والتكافل بين الفرد والجماعة :
يتوجب على كل منهما تبعات ويترتب لكل منهما حقوقاً.
1" كل فرد مكلف عليه أن يُحسن عمله الخاص
2" كل فرد مكلف عليه أن يرعى مصالح الجماعة كأنه حارس لها..
3" التعاون بين جميع الأفراد واجب لمصلحة الجماعة في حدود البرّ والمعروف.
4" الأمة مسئولة عن جميع الضعفاء ورعاية مصالحهم، وأن تحفظ لهم أموالهم حتى يرشدوا.
وهي مسئولة عن فقرائها ومعوزيها؛ بأن توفر الرزق بما فيه الكفاية...
فتتقاضى أموال الزكاة وتنفقها في مصاريفها، فإذا لم تكفِ فَرضت على القادرين بقدر ما يسد عوز المحتاجين، بلا قيد ولا شرط إلا هذه الكفاية...
فالأمة الإسلامية كلها ”جسد واحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى“.
وهكذا نرى أن الإسلام عندما حاول تحقيق العدالة الاجتماعية كاملة ارتفع بها على ان تكون عدالة اقتصادية محدودة، فجعلها عدالة إنسانية شاملة، وأقامها على ركنين قويمين :
١- الضمير البشري داخل كل نفس إنسان
٢- التشريع القانوني في محيط، المجتمع .
هذا القسم الأول
ان شاء الله سنقدم القسم الثاني بعنوان : سياسة الإسلام للمال
كتابة #علي_فروح / بتصرف /
المرجع : #مجلة_الدوحة القطرية - سبتمبر 1983
توطئة :
وضع الإسلام المبادئ العامة والقواعد الشاملة لحياة اجتماعية سليمة...
وترك التطبيقات لتطور الزمان، وبروز الحاجات..
وهو بهذا الشمول وهذه المرونة قد كفل لاحكامه التطبيقية النمو والتجدد.. ومسايرة ظروف الحياة المتغيرة..
ظلت الإنسانية دهوراً طويلة تفرق بين القوى الروحية والقوى المادية، وكل منهما يتنكر للآخر..
فجاء الإسلام بعرض فكرة جديدة متناسقة تجمع بين الدنيا والآخرة في نظام الدين، وبين الروح والجسد في نظام الإنسان.. وبين العبادة والعمل في نظام الحياة الاجتماعية...
ومن تلك المواءمة بين العقيدة والسلوك وبين ما يتصل بالروح والمادة .. تصدر تشريعاته وفرائضه.. وتوجيهاته وحدوده، وآراؤه في سياسة المال والحكم، وهذه السياسة تنطوي على عدالة إنسانية اجتماعية شاملة، لا عدالة اقتصادية محدودة..
العدالة في نظر الإسلام هي
مساوة إنسانية ينظر فيها إلى تعادل جميع القيم..
وهي على وجه الدقة (تكافؤ الفرص) وترك المواهب تعمل بعد ذلك في اطار الحدود التي لا تتعارض مع القيم العليا للمجتمع..
إن إقرار الإسلام مبدأ (تكافؤ الفرص)،
و مبدأ (العدل بين الجميع) ،
ثم ترك الباب مفتوح للتفاضل في الجهد والعمل....
واتاحة الفرص المتساوية للجميع...
تعني التعامل مع جميع الأفراد على قدم المساواة بغض النظر عن الحسب والنشأة والأصل والجنس والعرق واللون ... ولا قيد يحد من القيود التي تغلّ الجهود...
أسس العدالة الاجتماعية في الإسلام :
أقام الإسلام العدالة الاجتماعية على أسس عامة نجملها فيما يلي وسنشرحها تباعاً :
1) التحرر الوجداني.
2) المساواة الإنسانية الكاملة.
3) التكافل الاجتماعي.
سنوضحها تباعًا
1) التحرر الوجداني :
إن التحرر الوجداني الذي يدعو إليه الإسلام معناه :
الاعتزاز بالنفس والحرص على طلب الرزق
” دون فقدان الكرامة “ وعدم الشعور بالخوف عند المطالبة بالحق .. حقه في ”المساواة “ وسيجاهد لتقرير هذا الحق، ولن يقبل بديلاً عنه...
2) المساواة الإنسانية الكاملة :
أقرّ الإسلام مبدأ المساواة في الوقت الذي كان يباح فيه للسيد أن يقتل عبده ويعذبهم لانهم ليس متساوون معهم في الحرية...!!!
فجاء الإسلام ليقرر مبدأ المساواة أمام القانون وأمام الله، في الدنيا والآخرة، لا فضل إلا للعمل الصالح..
” لافضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى “ .
3) التكافل الاجتماعي:
يضع الإسلام في اعتباره أن للفرد ذاته مصلحة خاصة في أن يقف عند حدود معينة في استمتاعه بحريته...
وأن للمجتمع مصلحة عليا لابد أن تنتهي عندها حرية الأفراد..
لذلك يقرر الإسلام مبدأ التكافل الاجتماعي
بين الفرد واسرته،
وبين الفرد والجماعة،
وبين الجيل والأجيال المتعاقبة.
وقيمة التكافل في محيط الأسرة :
أن الفرد هو قوامها والذي يمسكها، لأن الأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع.
ومن مظاهر التكافل العائلي في الإسلام؛ نظام الميراث.
والتكافل بين الفرد والجماعة :
يتوجب على كل منهما تبعات ويترتب لكل منهما حقوقاً.
1" كل فرد مكلف عليه أن يُحسن عمله الخاص
2" كل فرد مكلف عليه أن يرعى مصالح الجماعة كأنه حارس لها..
3" التعاون بين جميع الأفراد واجب لمصلحة الجماعة في حدود البرّ والمعروف.
4" الأمة مسئولة عن جميع الضعفاء ورعاية مصالحهم، وأن تحفظ لهم أموالهم حتى يرشدوا.
وهي مسئولة عن فقرائها ومعوزيها؛ بأن توفر الرزق بما فيه الكفاية...
فتتقاضى أموال الزكاة وتنفقها في مصاريفها، فإذا لم تكفِ فَرضت على القادرين بقدر ما يسد عوز المحتاجين، بلا قيد ولا شرط إلا هذه الكفاية...
فالأمة الإسلامية كلها ”جسد واحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى“.
وهكذا نرى أن الإسلام عندما حاول تحقيق العدالة الاجتماعية كاملة ارتفع بها على ان تكون عدالة اقتصادية محدودة، فجعلها عدالة إنسانية شاملة، وأقامها على ركنين قويمين :
١- الضمير البشري داخل كل نفس إنسان
٢- التشريع القانوني في محيط، المجتمع .
هذا القسم الأول
ان شاء الله سنقدم القسم الثاني بعنوان : سياسة الإسلام للمال
كتابة #علي_فروح / بتصرف /
المرجع : #مجلة_الدوحة القطرية - سبتمبر 1983
تعليقات
إرسال تعليق